شروط ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات التشريعية المقبلة بالمغرب
في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية للشباب وتمكينهم من الولوج إلى المؤسسات المنتخبة،
صادق المجلس الوزاري مؤخراً على مشروع قانون يحدد شروط ترشيح الشباب المستقلين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
هذه الخطوة تأتي استجابة للتطلعات الوطنية نحو تجديد النخب السياسية وضمان تمثيلية أكثر عدلاً لفئة الشباب التي تمثل القوة المحركة للمجتمع المغربي.
أولاً: خلفية هذا المشروع وأهدافه
لماذا جاء هذا المشروع الآن؟
لطالما شكل موضوع مشاركة الشباب في الحياة السياسية محور نقاش واسع في المغرب، خاصة بعد ضعف تمثيليتهم في البرلمان ومجالس الجماعات.
ومن هذا المنطلق، جاء المشروع الجديد ليمنح الشباب المستقلين فرصة الترشح دون الحاجة إلى الانتماء الحزبي، مع وضع آليات واضحة تضمن الشفافية والمصداقية في العملية الانتخابية.
أهداف القانون الجديد
- تحفيز الشباب على الانخراط في العمل السياسي المستقل والمبادرة في اقتراح حلول واقعية للمشاكل المجتمعية.
- تجديد النخبة البرلمانية من خلال إدخال طاقات شابة مؤهلة ومبدعة.
- تعزيز الثقة بين المواطن والدولة عبر تمكين فئة جديدة من الوجوه السياسية من المشاركة في صنع القرار.
ثانياً: شروط الترشيح للشباب المستقلين
1. جمع 200 توقيع على الأقل من الناخبين
يشترط القانون على كل لائحة ترشيح مستقلة أن تجمع 200 توقيع على الأقل من الناخبات والناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية التي ينوي المترشح الترشح بها.
ويُعتبر هذا الشرط وسيلة لإثبات الجدية والقبول الشعبي الأولي للائحة أو المترشح.
2. تمثيلية النساء بنسبة لا تقل عن 30% محلياً و50% جهوياً
حرص المشروع على تعزيز مبدأ المساواة بين الجنسين، حيث ألزم بأن تمثل النساء 30% على الأقل من التوقيعات على المستوى المحلي، و50% على المستوى الجهوي.
هذه الخطوة تعكس رغبة الدولة في تمكين النساء من لعب دور محوري إلى جانب الشباب في العمل السياسي المستقل.
3. توزيع التوقيعات بين مختلف العمالات والأقاليم
في ما يتعلق باللوائح الجهوية، أوجب المشروع أن تشمل التوقيعات ناخبين من كل العمالات والأقاليم التابعة للجهة بنسبة لا تقل عن 7% من مجموع التوقيعات المطلوبة، مع احترام النسب الخاصة بتمثيل النساء.
الهدف من هذا الشرط هو ضمان تمثيلية متوازنة وشاملة داخل الجهة.
4. منع تكرار التوقيعات
أكد المشروع بوضوح أنه لا يجوز لأي ناخب أو ناخبة التوقيع على أكثر من لائحة واحدة مقدمة من طرف مترشحين مستقلين. وذلك حفاظاً على نزاهة العملية الانتخابية ومنع أي استغلال أو تضارب في المصالح.
ثالثاً: الدعم العمومي المخصص للشباب المستقلين
تفاصيل الدعم المالي
من بين النقاط البارزة في المشروع، تخصيص دعم مالي عمومي للشباب المستقلين الذين يقدمون لوائح انتخابية تتضمن تمثيلية من الجنسين بالتناوب. حيث نص القانون على أن:
- تحصل اللوائح المستقلة على دعم يعادل 75% من نفقات الحملة الانتخابية.
- لكن هذا الدعم لا يمكن أن يتجاوز 75% من السقف المحدد قانوناً.
- يشترط أن يكون جميع أعضاء اللائحة لا يتجاوز عمرهم 35 سنة، وأن تشمل تمثيلاً متناوباً بين الشباب والنساء.
أهداف الدعم العمومي
ويأتي هذا الدعم كتشجيع مباشر من الدولة للشباب الذين لا يتوفرون على دعم حزبي أو مالي قوي، مما يسهم في تكافؤ الفرص بينهم وبين المترشحين المنتمين للأحزاب السياسية.
رابعاً: منصة إلكترونية لإيداع الترشيحات
خطوات الإيداع الإلكتروني
في إطار تبسيط المساطر وتسهيل العملية الانتخابية، نص المشروع على إمكانية إيداع الترشيحات عبر منصة إلكترونية مخصصة.
حيث يقوم وكيل اللائحة أو المترشح الفردي بـ:
- ملء التصريح بالترشيح إلكترونياً.
- إرفاق الوثائق المطلوبة (بطاقة التعريف الوطنية، السجل العدلي، الصور، إلخ).
- إدخال كافة المعلومات الشخصية والسياسية والتأكد من صحتها.
- الإشهاد على صحة البيانات إلكترونياً قبل الإرسال النهائي.
أهمية الرقمنة في العملية الانتخابية
ويُنتظر أن تساهم هذه الخطوة في تقليل الضغط الإداري وتسريع الإجراءات، خاصة في ظل الرقمنة المتزايدة للإدارة المغربية التي تسعى إلى جعل الخدمات العمومية أكثر شفافية وفعالية.
خامساً: أهمية المشروع للشباب المغربي
مشاركة الشباب في العمل السياسي
لا يخفى على أحد أن فئة الشباب تشكل أكثر من نصف سكان المغرب، ومع ذلك فإن حضورهم في المؤسسات المنتخبة يظل ضعيفاً مقارنة بحجمهم الديمغرافي. المشروع الجديد يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح نحو دمقرطة التمثيل السياسي وإتاحة الفرصة أمام الشباب لتقديم تصورات جديدة للحياة السياسية.
دور الشباب في تجديد النخب
كما أن السماح بالترشح المستقل يفتح الباب أمام الشباب الذين لا ينتمون للأحزاب، ولكن لديهم أفكار إصلاحية ومشاريع مجتمعية حقيقية، مما يخلق تنافساً إيجابياً ويعزز الثقة في العملية الانتخابية.
سادساً: التحديات التي تواجه الشباب المستقلين
العقبات العملية
- صعوبة جمع 200 توقيع في بعض المناطق القروية أو النائية.
- ضعف الإمكانيات المالية لتغطية مصاريف الحملة الانتخابية رغم الدعم العمومي.
- قلة الخبرة في التدبير التنظيمي والسياسي مقارنة بالمترشحين الحزبيين.
- ضرورة بناء شبكة علاقات محلية وجهوية قوية لضمان الأصوات الكافية.
الحلول المقترحة
لمواجهة هذه التحديات، يجب على الدولة والمؤسسات التعليمية ومراكز المجتمع المدني العمل على تكوين الشباب في مجالات القيادة السياسية، إدارة الحملات الانتخابية، والتواصل الجماهيري. كما ينبغي إطلاق برامج مرافقة للمستقلين الجدد.
سابعاً: آفاق المستقبل وتمكين الشباب
فرص التمكين السياسي
من المنتظر أن يشكل هذا القانون محطة مفصلية في تاريخ المشاركة السياسية للشباب بالمغرب، خصوصاً إذا تم تفعيله بطريقة شفافة ومنصفة. كما يمكن أن يشجع الأحزاب السياسية نفسها على تجديد نخبها الداخلية ومنح الشباب أدواراً أكبر في هياكلها.
الانعكاسات الإيجابية المحتملة
وإذا نجحت هذه التجربة، فقد تتحول إلى نموذج يحتذى به في باقي الدول المغاربية والعربية، خاصة في ظل تزايد الدعوات لإشراك الشباب في القرار السياسي.
ثامناً: دعوة إلى المشاركة الفاعلة
الشباب ودورهم في التغيير
إن ترشيح الشباب المستقلين لا يجب أن يُنظر إليه فقط كإجراء قانوني، بل كفرصة تاريخية لإعادة الثقة بين المواطن وصندوق الاقتراع. فالمغرب بحاجة إلى طاقات شبابية قادرة على تقديم البدائل، وإلى وجوه جديدة تعبّر بصدق عن هموم المواطن المغربي.
نداء للمشاركة في الانتخابات المقبلة
إن مسؤولية التغيير تبدأ من المشاركة، والمشاركة تبدأ من الإيمان بأن صوت الشباب يمكن أن يصنع الفرق. لذلك فإن انخراط الشباب في الانتخابات المقبلة يُعد خطوة أساسية نحو مغرب المستقبل.
خاتمة
نحو مغرب جديد بقيادة شبابه
ختاماً، فإن مشروع شروط ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات التشريعية المقبلة يمثل خطوة جريئة نحو مغرب أكثر ديمقراطية وانفتاحاً. هو مشروع يمنح الأمل لجيل جديد من السياسيين المستقلين القادرين على صياغة مستقبل أفضل. ويبقى الأمل معقوداً على أن تتوافر الإرادة والوعي الكافي لاستثمار هذه الفرصة التاريخية بما يخدم الوطن والمواطن.
